اختفاء أكثر من 100 لغة في السنوات العشر الأخيرة.. إحداها استخدمتها النساء هرباً من سيطرة الرجال
في الشهر الماضي، توفيت روسا أندرادي، البالغة من العمر 67 عاماً، في غابات شمال بيرو (غرب أميركا الجنوبية)، وهي آخر امرأة تتحدث بلغة الريسيجارو، وهي لغة ضمن 43 لغة محلية يتحدث بها شعوب منطقة الأمازون.
وفي 29 يوليو/تموز، توفي تومي جورج، آخر المنتمين إلى كوكو ثايبان، في كيب يورك، في أستراليا عن عمر يناهز 88 عاماً. فيما كان تومي جورج آخر المتحدثين بلغة أولايا، وهي لغة السكان الأصليين لأستراليا، لتندثر بموته 24.000 سنة من التاريخ والمعرفة المنقولة شفهياً.
وقد اختفت خلال السنوات العشر الأخيرة أكثر من 100 لغة، وهناك 400 لغة أخرى في موقف معقّد، فضلاً عن أن هناك 51 لغة يتحدثها شخص واحد، بحسب ما نشرته صحيفة EL pais الإسبانية.
وتقول اليونسكو إن لغة تموت في كل 14 يوماً، وإذا استمر الوضع على هذا النحو، ستنقرض نصف اللغات واللهجات الموجودة اليوم حول العالم بنهاية هذا القرن.
وباختفاء لغة ما، لا نفقد كلماتها وحسب، بل إننا نفقد العالم الثقافي الذي تشكّله، وما خلفه من قرون من التاريخ، والأساطير، والأفكار، والأغاني المنقولة من جيل إلى جيل، إذ تتلاشى كما لو كانت “دموع في المطر”.
ماتت اللغة بموتهم
بين عامي 1899 و1903، سُجل على أول فوانوجراف الأغاني المحلية الأصلية التي عرفتها الجمعية الملكية في هوبارت، عاصمة الجزيرة الأسترالية، والتي حكى تاريخها المُغني فولك بروس واتسون في أغنيته (الرجل والمرأة وفونوغراف إديسون).
ومع وفاة فاني كوتشارني، الذي رحل عن عالمنا عام 1905 اختفت اللغة المحلية الأخيرة لتسمانيا.
ومع وفاة يانغ هواني عام 2004 عن عمر ناهز الـ 98 عاماً، اختفت النوشو، اللغة السرية التي استخدمتها نساء الصين لأربعة قرون على الأقل كي يهربوا من سيطرة الرجال. ومثل كثير من نساء جيلها، كان لدى يانج هواني قدمان صغيرتان مشوهتان؛ وقد مُنعت عادة ربط أقدام الفتيات في عام 1912.
اللغات المحلية تحمل أسراراً تاريخية وعلمية هامة
أما شارلي مانجولدا، فقد كان آخر إنسان على وجه الأرض يتحدث ويفهم لغة الأمورداج، اللغة الشفوية للأبوريخيين في شمال أستراليا، حسب ما يشرح ديفيد هاريسون مؤلف كتاب ناشيونال جيوغرافيك “المتحدثون الأخيرون” في هذا الفيديو.
كان هاريسون، أستاذ اللغويات في كلية سوارتمور في بنسلفانيا بالولايات المتحدة، واحداً ممن استجابوا لمشروع الأصوات الخالدة لناشيونال جيوغرافيك. وقد سافر عبر كل البلاد، من سيبريا والقوقاز وحتى شمال أستراليا، مروراً بجنوب المكسيك وأبعد الجزر في أندونيسيا، ملتقياً بآخر المحتفظين بلغات الأقليات المعرضة للاندثار. وكثير ممن درسهم لم يسجلوا أو يكتبوا، ولم يعرفوا بعضهم البعض.
في عام 2010 وثقوا لأول مرة لغة الكورو، التي يتحدثها أقل من ألف شخص في جبال أروناجل برديش شمال الهند. وفي الأسفل يمكن مشاهدة أنتوني ديجيو من قبيلة كورو، يوضح استخدامات 11 نباتاً في المنطقة التي يعيش فيها.
في فبراير/شباط، قدم فريق تسجيل الأصوات أول ثمار عمله، كانت عبارة عن ثمانية قواميس صوتية ومرئية للغات تكاد تندثر، مثل الشمهوفي (في أريزونا بالولايات المتحدة)، واليوتشي (في أوكلاهوما بالولايات المتحدة)، والهوبا، والكاروك، والوينو، والواشو (في كاليفورنيا بالولايات المتحدة)، والتوفا (في روسيا)، والأكا (في الهند)، والسيري (في المكسيك). بإجمالي 32.000 كلمة أُنقدت من الضياع.
مبادرات لحفظ اللغات المحلية من الاندثار
ولنفس الهدف أُنشئت مبادرة Endangered Languages (اللغات المهددة بالاختفاء)، وهي مبادرة جوجل لمنح صوت للمتحدثين بلغة ويريدون الحفاظ عليها، وهو عبارة منتدى مفتوح يعرض إمكانية رفع فيديوهات وتسجيلات ووثائق وتبادل المعارف والخبرات.
في هذا الفيديو من Endangered Languages، تحكي الجدة مارجريت، من نافاجو (في نيومكسيكو بالولايات المتحدة) لحفيدها أصل الأبراج كما جاء بالأسطورة الهندية القديمة، بمساعدة لعبة خيط الأرقام التقليدية.
وفي الفيديو التالي، تسرد إحدى الجيران من وادي أنسو في جبال البرانس بوشقة، قصة التنين في حكاية “الماعز”.
وفي إسبانيا أيضاً ثمة لغات على قائمة الخطر، وهي الأراغونية والأستورية والآرانية.
فيما يشير أطلس اللغات في خطر، الذي أعدته اليونسكو إلى أن هناك 2581 لغة، تظهر في خريطة تفاعلية على جوجل. ويمكن تصفية النتائج وفقاً للمنطقة الجغرافية، أو باسم اللغة أو عدد المتحدثين بها.