الهروب إلى المريخ
بدأت يومي بالاطلاع على التطورات المتلاحقة في أمريكا وردود فعل العالم عقب انتخاب دونالد ترامب سيدا للبيت الأبيض حين امتطيت القطار كانت الأسئلة والسيناريوهات تتزاحم في رأسي، لم يكسرها سوى صوت طفلة كانت تشق طريقها وسط الزحام لتنزل في إحدى المحطات. كانت تقول بصوت برئ "من فضلكم اسمحوا بالمرور، شكرا شكرا".
خمنت في العالم الذي سنتركه لجيل تلك الطفلة إن استمر العالم في جموحه الحالي.
كان لي موعد في حديقة غرينتش التاريخية حيث يعرض المرصد الفلكي البريطاني هناك بيتا يحاكي الشكل الذي سيكون عليه مأوى البشر إن هم جربوا العيش في كوكب المريخ.
جاء موعد اللقاء مع Stephen L. Petranek مؤلف كتاب How We'll Live On Mars الذي اعتمدته شبكة ناشيونال جيوغرافيك لإنجاز مسلسل تمثيلي توثيقي من نوع docudrama حول ما ستكون عليه الحياة في الكوكب الأحمر.
وجدت ستيفن واثقا من نفسه وهو يحدثني عن بدء رحلات مأهولة الى المريخ خلال العقدين المقبلين، متوقعا أنه كل عامين سيتم نقل حوالي 12 ألف شخص ليستقروا في وديان الكوكب البارد.
تحدث صاحبنا عن ملايين السنين التي قضيناها على كوكب الأرض وكيف شرعنا في الستين ألف عام الأخيرة في الترحال خارج القارة الأم، إفريقيا، نحو آفاق خلف المدى.
تكلم عن ضرورة شروع الكائن البشري في تعلم العيش خارج الأرض، بل خارج المجموعة الشمسية التي تنتمي الأرض إليها.
وفي الختام قال إن الأرض لن تبقى على حالها، لهذا يجب أن نبحث عن المدى المقبل خلف الأفق، وهو يقودنا حتما نحو المريخ.
ستيفن بترانيك وعدد من علماء الفضاء متأكدون من أن موسم الهجرة نحو الكوكب الأحمر سيبدأ قريبا، وربما يوجد ضمن أطفال اليوم من سيكونون من المستوطنين الأوائل للمريخ.
رجعت بذاكرتي إلى الطفلة التي كانت تتوسل طريقها وسط الزحام بصوتها البريء، فلربما مجانين زمننا هذا قد يدفعونها وجيلها إلى ركوب قوارب الهرب إلى الفضاء الخارجي، لأنه يوجد بيننا من لم يتعلم بعد أن يتعايش بسلام مع الآخر ومع البيئة المحيطة.
هذا إن لم يضغط أحد المعتوهين على أزرار التحكم في إطلاق الأسلحة النووية. فهذا السلاح النووي اخترع في المقام الأول ليتم استخدامه "عند الضرورة". وتأويل "الضرورة" يختلف من رئيس معتوه لآخر.
كتب\الإعلامي عبدالرحيم الفارسي
المزيد ...
المزيد ...
المزيد ...
المزيد ...