عدن لنج في حوار مطول مع بطل كوريا الجنوبية للمحترفين الملاكم "أحمد عسكر"
عدن لنج/خاص/هناء عبدالله بن بريك
هو رقم صعب في عالم الكيك بوكسينج ، بطل من نوع خاص ، لايشبهه سواه ، إرادته حديدية لاتقبل الرهان ، حاز على المركز الأول في بطولة الجمهورية الخامسة للأندية عام 2013 و يعد أول أجنبي يحصل على لقب بطولة كوريا الجنوبية للمحترفين عام 2019، ناضل بقوة من أجل طموحاته، تعرض للإهمال والتهميش ، لكنه لم يترجل قط عن حلم يقوده ، خاض منافسات ومعارك حياتية لايعرف عنها الجمهور .
وكما يصف أحمد عسكر نفسه بأنه طفل حلم بأن يكون بطل في الفنون القتالية، آمن بذاته وبمقدرته على تحقيق حلمه ,عاش بين مجتمع لا يؤمن بهكذا أحلام ولا بالرياضة وينظر لمن يمارسها بالدونية ويصفه بأبشع العبارات"
وفي هذا اللقاء يتحدث لموقع عدن لنج عن مسيرته الرياضية والمواقف والصعوبات التي واجهته و عن عدة أمور تتعلق برياضة الكيك بوكسينج وعن حياته الشخصية .
* اكتشاف الشغف وبدايات الوقوع في شباك الكيك البوكسينج
- اكتشف أحمد عسكر شغفه بالرياضة في سن الخامسة, تحديدا في عام 1995 ، حينها لم تكن الرياضات القتالية رائجة , ومن كان يمارسها كانوا قلة من الشباب الهواة وعن ذلك يقول:
"كنت أرى بعض الشباب الأكبر سنا مني يمارسون رياضة التايكوندوا ,ومن هنا بدأ شغفي بالرياضة, فبدأت التمرن بشكل خفيف, وكان والدي يجلب لي أشرطة فيديو تضمن مباريات مصارعة إلى جانب قصص وكتيبات متعلقة بالمقاتل الشهير بروسلي ، كما كنت متابعا للرياضيين الكبار أمثال نسيم حميد ومحمد علي كلاي ،كنت شغوفا جدا بان أتعلم الفنون القتالية كالملاكمة والكونج فو ، فبدأت فعليا أتمرن التايكوندوا لفترة ثم انتقلت إلى تعلم الملاكمة في البيت ,وآنذاك لم يكن يوجد في مدينتي أماكن مخصصة للتمرن، وحتى سن العشرين واصلت تعلم الملاكمة ذاتيا عبر الأشرطة فوجدت من بينها مباراة عن الكيك بوكسينج ، فأحببت هذا النوع من الرياضة وتعلقت بها على وجه الخصوص"
*حلم أستخف به الكبار وآمن به قلب طفل
- بالنسبة لطفل كان بداية مشوار عسكر الرياضي محاصر بالخيبة والانكسارات وقلة الإيمان بالموهبة الصغيرة من قبل المقربين له والمجتمع ، فكانت مسألة التمسك بالحلم بحد ذاته معركة تعترض طريق حلمه بإستمرار ورغم كل المعارضات و المحاولات لثنيه نحو طريق آخر ، إلا أنه بإصراره لم يسمح لأحد بأن يتمكن من حلمه ويوضح عسكر على الرغم من أن والده كان مؤمن به ويدعمه من ناحية إلا أنه من من ناحية أخرى كان الواقع المفروض حينها لا يدعم الرياضة ،فلم تكن توجد صالات رياضية مخصصة أو مدربين والملعب الوحيد الموجود في حجة في تلك الفترة كان عبارة عن أحجار حد قوله.
ويضيف عسكر:" البيئة الرياضية الحاضنة كانت غائبة تماما، والداي الإثنان كانا مهتمان بدراستي , أمي كانت تمنعني من الرياضة ، وكان أبي يقول لي "يا أبني لا تضيع وقتك" "الرياضة ماتأكلك عيش" ،وبالفعل كان كلامهم ومعارضتهم تأتي من منطلق واقع يعيشونه، ومع ذلك لم أكن أستمع سوى لصوت حلمي وهدفي ولم أرضخ تحت أي تأثير، وضعت شغفي نصب عيناي ووضعت أسرتي تحت الأمر الواقع وأصررت على ممارستي للرياضة ، بلا شك كانوا أهلي يدعموني بحب , وأعتقد لو كان يوجد في ذلك الوقت مدربين وصالات تدريب بالتأكيد كانوا سيدعموني ببدايتي ولكن حكمهم كان مبني على الواقع الذي يعيشونه والظروف المحيطة و طبيعة المجتمع والذي كان جدا سيء"
*إرادة حديدية وتحدي سخرية وعنصرية المجتمع
- تعرض أحمد في صغره لمضايقات وسخرية تركت في نفسه وجعا وذكريات سيئة ، تنمروا على لون بشرته وسخروا من حلمه ، حاولوا تحطيمه معنويا و كان دائم العودة إلى بيته مجروح الجسد ومبلل الخدين ، يستذكر قائلا:
"كانوا ينادوني بأبشع العبارات ، وكوني أميل إلى جهة تهامة كنت ذو بشرة سمراء و لوني أدكن قليلا من أبناء الحي "أبناء الجبال بحجة ", تعرضت للسخرية ، فكانوا ينعتوني بالخادم والبدوي"
يتابع : "حين أحادثك الآن وأستعيد في ذهني تلك الذكريات , أشعر بالدمعة على وشك السقوط من عيني والعبرة تسبق كلماتي" ، كنت اتحطم وأبكي , كنت طفلا ولكن لم توقفني كلماتهم وسخريتهم , بل كنت أواصل التمرن وأعاند بداخلي , كانوا يلتفون حولي في مجموعة تتكون من 5 أو 6 أفراد ويتفقون على ضربي بقسوة ويوجهون لي عبارات تحدي بما معناه " هيا أرنا ماذا ستفعل برياضتك أرنا قوتك "
يضيف متحدثا: كنت أذهب إلى أمي بوجه عليه آثار الضرب وعلامات العض والجروح على جسدي, كنت وحيدا ولا أحد حينها كان يدافع عني سوى أختي الأكبر مني, مواقف كثيرة واجهتها في الطفولة ومن تلك المواقف المريرة تعلمت أن الرياضة أعطتني دافع كبير كي أدافع عن نفسي, كما أضافت لي الكثير في حياتي, صنعت قوة شخصيتي ،حولتني إلى إنسان طموح أكثر , ورغم تلك البدايات المحبطة وما عانيته من المجتمع , إلا أن شعلة الإصرار بداخلى بممارسة وتحقيق ما أتمناه لم تخفت أبدا, ولم يطفأها أي ظرف ، ففي بداياتي لم يؤمن أحد بي بالقدر الذي أمنت أنا بنفسي، فقدكنت دائم الحلم بأنه سيأتي يوم وأصبح شخص مشهور وبطل كنسيم حميد ومحمد علي كلاي وبروسلي، حلمت بأن أكون مثل كل هؤلاء الرياضيين العظماء.
واجه أحمد صعوبات أخرى من أبرزها لم تكن رياضة الكيك بوكسينج معروفة باليمن ولم يكن لها حضور قوي كبقية الرياضات وبالتالي لم يجد مدرب لها ، وكون زوج أخته ملاكم سابق فهو الوحيد الذي علمه أساسيات الملاكمة ويقول عسكر (ضاحكا)
"كنت أتدرب على وسائد و"مكارد" بيتنا ,كنت أتمرن عليها وأركلها.
ويستكمل :" كما كنت أتمرن على سطح المنزل والفناء، كنت أملأ الشوالات "أكياس الطحين" بالرمل ، وكانت والدتي تساعدني , وتحملها على رأسها , وكنت أعلقها وأمارس عليها التمارين, حتى الشجرة التي كان تملكها والدتي لم تنجو مني، " يضحك" تكسرت جراء الركل والتمرن عليها ،
ومن شدة هوسي أيضا كنت أمارس طقوس الرياضة أثناء مشيي في الشارع, ألاكم الهواء , وأخبئ وجهي بين ذراعيي كوضعية للدفاع عن النفس, و أستمرت اسطوانة السخرية من قبل مارة الشارع وأولاد الحارة الذين كانوا يطلقون عليِّ لقب "المجنون" , مع ذلك لم أكن أعيرهم أي اهتمام , كنت أتجاهلهم وكأن لا وجود لهم حولي , كنت فقط أركز على هدفي وأعيش في عالمي الخاص".
بعد رحلة بحث طويلة عن مدرب للكيك بوكسينج في عام 2005 حضر إلى حجة الكابتن إبراهيم العبدلي احدى لاعبي الكيك بوكسينج والذي كان في مهمة لتدريب الجمباز في المدينة، فتعلم عسكر منه قواعد اللعبة , ووجهه إلى مناطق تدريب في الحديدة وصنعاء, لم يسافر عسكر إلا حين وصل إلى سن يسمح له أهله بالسفر , فتوجه إلى الحديدة كون أقاربه يقطنون هناك
يوضح عسكر قائلا:"وجدت البيئة الحاضنة في مدينة الحديدة، ثم اتجهت إلى نادي الجيل وقابلت الكابتن خليل الأهدل شارحا له كل قصتي ، وأنا ممتن جدا له فقد رعاني وأولاني اهتمام وآمن بي , فبدأت أمارس الكيك بوكسينج فعليا في عام م2006 وبين حين وآخر كنت أسافر إلى حجة لكي أكمل تعليمي في مجال إدارة الأعمال ومن ثم أعود , كانت تماريني متقطعة , كما كان الوضع ماديا حينها لم يساعدني ".
* أرى نفسي في محمد علي كلاي
نسيم حميد وبورسلي ومايك تايسون كل أولئك الرياضيين المشاهير ، كان عسكر متأثر بهم، لكن مصدر إلهامه دائما وفي المقدمة الملاكم محمد علي كلاي
يقول عسكر: "على فكرة الإلهام , أكثر قصة كانت تلهمني في طريقي هي قصة الملاكم محمد علي كلاي , هو أكثر شخص أثر بي ، كونه واجه معاناة وتنمر في وضعه المشابه لوضعي ، فأنا أرى نفسي في نفس معاناته وتجربته، و بالفعل هو شخص ملهم وإنسان عظيم , وفكرة الإلهام والمثابرة والشغف سكنتني من شدة تعلقي به , أما من حيث القدوة ، فأنا قدوتي ذاتي التي أصب كل تركيزي على تطويرها وسعيي نحو تحقيق كل الأحلام والأهداف"
بطولات وجوائز .. مرحلة الألقاب
بدايات تأسيس اتحاد الكيك بوكسينج كانت ضمن اتحاد الملاكمة، وأول بطولة شارك فيها عسكر كانت الثالثة عام 2009 في الحديدة , لم يحالفه الفوز وخرج من المباراة بإصابة , ولكن تلك الهزيمة كانت دافع له ليقدم الأفضل
يقول :"واجهت كمية سخرية وشماتة ممن حولي ومن المجتمع، أبكتني كلماتهم الجارحة ، تعثرت ونهضت وزاد شغفي وإصراري على الفوز , وفي عام 2011 حين أصبح إتحادنا مستقل نظمنا نحن الرياضيين على حسابنا الشخصي بطولة و في أول مبارة ربحت بالضربة القاضية ، وفي المباراة الثانية لعبت وحصلت على المركز الثاني على مستوى الجمهورية,حينها لم أهتم بأرقام المراكز بالقدر الذي شعرت فيه بالفرح العارم لكوني ربحت وحققت مركز , بكى والدي فرحا وفرحوا لي والدتي وأخواتي وأصدقائي والمقربين مني فقط .
ويتابع:"بعد ذلك أقيمت البطولة الخامسة للأندية على مستوى الجمهورية , وحصلت على المركز الأول , الجميع أحتفى بي, بعدما أثبت وجودي وفرضت ذاتي على المجتمع لم اعد أخاف وأصبح المجتمع يتقبلني كرياضي, كان التنمر والسخرية باق ولكن قل عن قبل ، كنت فخور بما حققته ، كما أن وسائل الإعلام بدأت تسلط الضوء عليي , وهنا أوجه إمتناني إلى الأستاذ الإعلامي رماح شعيل والذي له دور في دعمي إعلاميا في بداياتي , وأما عن الأشخاص الذين كانوا يسخرون مني أصبحوا يدارون وجوههم عني ,ويخجلون حين أقابلهم صدفة ، فمن كان يحتقرني بالأمس وقفت أمامه بشموخ وعزة ولسان حالي يقول ها أنا أمامكم نجحت اليوم وحققت حلمي، كانت لحظات عظيمة بالنسبة لي ".
ترشح عسكر في بطولة أسيا "بطولة كوريا الجنوبية لعام" 2013"وكانت أول مشاركة خارجية له ، لم يحالفه الفوز ولكن أداءه حاز على اشادات الجميع ، فقدمت له دعوة إلى معسكر تدريبي مجاني في الأردن من قبل رئيس اللجنة الفنية للاتحاد العربي للكيك بوكسينج المستر عيسى أبو نصار ، ويشير عسكر إلى أن منحه هذه الدعوة إلى جانب اشادات اللاعبين العرب بمستواه وتشجيعهم له ، كان سبب في التخفيف عنه وخروجه من جو الهزيمة .
ويتحدث عسكر عن عودته إلى المعاناة مجددا قائلا: "حين عدت الى اليمن عزمت إلى التجهيز للسفر إلى الأردن , عدت إلى معاناة الدعم المادي فاتجهت بملفي وشهائدي إلى كلا من محافظ المدينة ومكتب الشباب والرياضة وصرفوا لي مبلغ , وأيضا هناك الشيخ محمد يحيى هاشم سلبة وله كل الاحترام والتقدير فقد دعمني ماديا ومعنويا بشكل كبير جدا , إلى جانب والدتي التي باعت مجواهراتها وأهلي وأصدقائي المقربين ، بعد أن استكملت المبلغ غادرت إلى الأردن وشاركت في نزالات ربحت فيها ووصلت إلى مستوى متقدم في الأداء وهنا أوجه شكري للسيد عيسى أبو نصار الذي له فضل كبير في ذلك".
لاحقا أقيمت بطولة العرب في المغرب وحاز عسكر على المركز الثالث على مستوى الوطن العربي ، ثم توقفت كل الأنشطة الرياضية نتيجة إندلاع الحرب حتى عام 2018.
* الحلم الذي قاوم الخوف ونيران الحرب
بعد الحرب مر القطاع الرياضي بوضع مآساوي في اليمن ، توقفت الأنشطة الرياضية بشكل عام ، قصفت الصالات واحتلت المواقع الرياضية من قبل الحوثيين ، يتحدث عسكر عن تلك الفترة:
"حاولت أن أقاوم الوضع وأتمرن شخصيا ولكن للأسف صار الوضع مخيف أكثر , حتى أنني كنت خائف من المرور بالشارع،
, بالإضافة إلى انه حدثت خلافات بيني وبين الحوثيين أنفسهم إلى حد تعرضي للإضطهاد والسجن والتكفير ، لم يكن لدي أي مجال للبقاء في اليمن وممارسة الرياضة بحرية ، فكنت أمام خيارين أما الخروج منها أو الذهاب للقتال, تدمرت أعمالي ومشاريعي خارج الرياضة ، انتهكت حقوقي وحريتي ،
فأنا حين أتذكر هذه المواضيع أشعر بالغصة ، بكل بساطة لم يعد لنا أي حق أو قيمة في بلادنا , حاولت كثيرا أن أتجاهل وأتعايش ، لم أستطع، للأسف كانت الأوضاع تزداد سوء أكثر من قبل "
مر عسكر بفترة عصيبة خاصة بعد أن فقد الأمل في الخروج من اليمن فالسفر إلى الأردن ومصر وتايلند لم يكن متاحا نتيجة صعوبة الحصول على الفيزا ,فأشار صديق له مقيم في ماليزيا يدعى ناصر جمال العاقل بالذهاب إلى هناك ، لكن المبلغ المتوفر لديه لم يكن يسمح له بالسفر
يقول عسكر:باعت والدتي ماتبقى من مجوهراتها وعرضت عليِّ أختي المقبلة على الزواج مهرها ، أعطتني إياه وأقنعتني بأخذه ، قالت لي إذهب وحقق حلمك وأنت فيما بعد ستعيد ليعليِّ كل شيء ، كانت تلك لحظة صعبة جدا ، فليس من السهل أن أخذ مهر أختي وفرحتها ، ولكن لم يكن لدي خيار آخر، فاضطررت مجبرا على أخذ قرار بالسفر"
وتابع عسكر متحدثاً عن رحلة وصوله إلى ماليزيا بأنه وجد فيها الإحترام والإحتفاء الكبيرين ، وفاز في ثلاث نزالات متتالية وحصل مقابلهم على مبلغ مالي كان يرسله إلى والدته و أهله وكي يعيد لأخته مبلغ مهرها ، كما كان يتكفل بمصاريف تعليم عدد من الأطفال المنسوبين إلى فئة المهمشين ليواصلوا تعليمهم ويضيف :" هدفي من الرياضة ليس فقط مساعدة نفسي بل أيضا تقديم المساعدة لمن حولي، كوني مررت بظروف صعبة وعانيت، وبما أن مصدر الهامي محمد علي كلاي الذي غير مجتمع وغير نظرة ما، فأنا على ذات التوجه أمضي ، وأحاول عبر الرياضة أن أوصل رسالة ما "
ويشير عسكر إلى أن وزارة الشباب والرياضة لم تقدم له أي دعم ، وفي المرة التي قابل بها الوزير معمر الارياني في صنعاء قبل سفره إلى الأردن ، ضرب الوزير يده على صدره واعدا إياه بدعمه ، وكل ماتم تقديمة عبارة عن حافز شهري بمبلغ 30 ألف لم يستمر طويلا، تم تقليصه إلى 12 ألفا ثم توقف الحافز لسبب لا يعلمه عسكر حتى اللحظة، لافتا إلى أن بعد فوزه بماليزيا كانت تصله التهاني والتبريكات من وزراء ومسؤولين عبر مواقع التواصل الاجتماعي أما الدعم المادي فلم يتلقاه سواء من المقربين منه ومن جهوده الذاتية.
الهجرة إلى كوريا الجنوبية.. معاناة وبصيص أمل
يصف عسكر تجربته بالهجرة إلى كوريا الجنوبية عام 2018 بالقاسية, والصعبة حيث طالته العنصريه، و هناك لا يسمح للاجئين بالعمل أو المكوث في الفنادق، ولفترة 3 أشهر افترش عسكر العراء في حدائق جزيرة جيجو، حتى بلغ إلى مرحلة لم يجد ثمن ما يأكله , كذلك الأندية لم تكن تقبله وكان ردهم عليه طرده والتخوف منه
يقول عسكر " برغم كل تلك المعاناة إلا أنني لم أتخلى عن حلمي ، كنت أمارس التمارين تحت الثلوج وفي الحدائق، وأما الأشخاص الذين كانوا يعيشون معي نفس الظروف ، لا أستطيع أن أقول أنهم بلا هدف ولكن الأصح تعبيرا أنه لايوجد لديهم شيء ليتمسكوا به فهدفهم هو الحصول على عمل ومال ، أما هدفي آخر ، لم أحضر إلى هنا بحثا عن المال، جئت إلى هنا كي أبحث عن حلمي".
عن طريق الصدفة لمح عسكر إعلان عن رياضة الكيك بوكسينح نشر على موقع الفيسبوك ومن خلاله تعرف على المستر برينان كليفلاند أمريكي الجنسية ، وقدم له كل شهاداته التي تثبت حقيقة أنه ملاكم ، فتواصل كليفلاند الاتحاد الكوري وعرض شهادة عسكر التي حصل عليها من الاتخحاد أثناء مشاركته في نزال بكوريا فبدأو بالتجاوب والتعاون معه وتم إرسال مدرب من طرفهم يدعى هو تشانغ هي .
يوضح عسكر :أولى المدرب هو تشانغ هي اهتماما خاصا بي ووقف بجانبي حتى اللحظة وأكن له كل الامتنان .
ويضيف:عندما ترددت على النادي وجدت البيئة الرياضية التي أحتاجها ، وبدأ اللاعبين هناك يتقبلوني وتتلاشى فكرة الخوف من اليمنيين أو اننا سيئين ، أطمأنوا عندما رأو تعاملي معهم وجدوني مثلهم شخص يحب الرياضة والمرح و
يركز على هدف واحد , ثم بدأ الاعلام الكوري ينشر عني ويجري معي لقاءات ,و بعد ذلك أقيمت أول بطولة ,ولكن مكتب الهجرة الكوري منعني من المشاركة ، لأن لديهم قانون يمنع مشاركة المحترفين والحصول على المال , فأخبرتهم أنني لا أريد المال بل اللعب بالمباراة وبعد تدخلات سمح لي ,فالحمدلله فزت في أول نزال لي , ولاحظت أن هذا أثار الدهشة في المجتمع الكوري نفسه ويطرح في أوساطهم سؤال كيف بلاجئ أن يتحول إلى رابح ببطولة هامة , بعد أن كانوا يخشوني أصبحوا يهتفون بأسمي في المدرجات.
يتابع قائلا: عام 2019 شاركت في بطولة السوبر كوريا وحصلت على لقب سوبر كوريا الجنوبية وأنا أول أجنبي يحصل على اللقب, وعندما كنت أسير في الشارع يحلق حولي المارة ليلتقطوا صورة معي كما كانوا يوجهون لي دعوات ، كنت سعيد للغاية كوني نجحت في تغيير النظرة السيئة السابقة التي كانوا ينظروها لي ,من ناحيتي وفي مجالي كانت هذه رسالتي"
اللقب الثمين " أول أجنبي يفوز في بطولة كوريا الجنوبية للمحترفين"
فيما بعد شارك عسكر في منافسة قوية وفاز البطولة الوطنية لكوريا الجنوبية شهر يوليو عام 2019 ، توالت عليه التهاني والتبريكات من الحكومة ومن وزير الشباب نايف البكري وغيرهم إلا أن الدعم المادي مازال معدوم ، وبنفس العام في شهر سبتمبر أقيمت البطولة الأقوي في مسيرته وهي "بطولة كوريا الجنوبية للمحترفين"
يقول":كانت نقلة نوعية لي , لعبت وحصلت على الحزام وأعتبر أول لاعب أجنبي من فئة الذكور يحصل على هذا اللقب منذ أن تأسس الاتحاد الكوري, حصولي على اللقب يعد فخر بالنسبة لي وفوز ثمين جدا , ثم أعلن عن نزال قوي جدا ولكن للأسف تم منعي من المشاركة من أي نزال عليه مبلغ مالي كبير, وهذه واحدة من المعاناة التي أعانيها حد اللحظة , فإما أن أستغني عن النزال والمبلغ وإما أن أشارك وأستغني عن المبلغ , فأنا أختار أن استغنى عن المبلغ المادي كي أحصل على الألقاب,وبالحقيقة كوريا بلد جميل ولكن أنظمتها مجحفة في حقنا, وجدت المساحة والسلام والأمن فيها, لكن لم أجد المساحة في مجالي بسبب قوانين الرياضة لديهم.
ساعات العمل الشاقة ..وتهميش ونكران قطاع الرياضة لعسكر
بعد حصول عسكر على بطولة الكيك بوكسينج , تغيرت حياته وسمح له بالعمل إلا أن ساعات العمل في كوريا تصل إلى 15 أو 20 ساعة ، يضطر للذهاب إلى مصانع أعمالها شاقة جدا كي يوفر مصاريف التدريب والمأكل والمكملات الغذائية
يتحدث عسكر عن ذلك قائلا:" لم أجد من يدعمني، فحاولت برغم صعوبة الأمر أن أوزان بين عملي والتمارين , وتواصل معي أفراد من وزارة الشباب والرياضة ومنحني الوزير توجيه رسمي بالصرف والتوجه إلى معسكر تدريبي في تايلند ولكن للأسف تم الرفض من قبل قطاع الرياضة ، بعثو لي رسالة يقولون فيها "من أنت؟ أنت لست معروف لدينا " لقد أنكروني ,أمر محزن حين لاتجد لك قيمة عند الأشخاص الذين من المفترض أن يكونوا عونا لك ، تنكروا لكل بطولاتي وتاريخي .
واستنكر عسكر شحة تفاعل الاعلام الرياضي والذي من المفترض أن يبقى على تواصل دائم ومتابعة بأخبار الرياضيين وزيارتهم ووالاطلاع على خططهم ونشاطتهم وأضاف أن هذا الاهتمام الاعلامي يدعم اللاعب معنويا ويحسسه بثقله في المجتمع وأضاف أن بعض الاعلاميين الرياضيين قد بدأو في بذل الاهتمام ودعم الشباب والمواهب متمنيا أن يستمر ذلك بكثافة .
ويرى عسكر أن سوء الإدارة في الرياضات الجماعية هي ما تسبب انتكاسة لأداء الفريق , وتلقي الدعم المحدود للاعبين وعدم الاهتمام بهم من كافة الجوانب لن يؤدي إلى تحقيق شيء على الواقع , ويشير إلى أنه من المفترض الاهتمام جديا باللاعبين وبإمكانية تطويرهم ومنحهم أنشطة ومنافسات ودوريات وليس فقط أخذهم إلى المباريات شكليا وتوقع تحقيق نجاح بمقابل العطاء المحدود من قبل الجهات الإدارية, ويقول عسكر عن الألعاب الفردية أنها ترتكز على الفرد نفسه ففي حلبة الملاكمة المتباري هو المسئول وهو من يمثل نفسه , لا أحد يقف معه يقاتل , وهنا نقطة الإصرار والشغف أكثر عند الألعاب الفردية من الألعاب الجماعية , كما أن الألعاب الفردية تعاني من قلة الدعم , والفرد يدعم نفسه ذاتيا , ومع ذلك هي الأكثر إنجازا , آملا أن تحدث التفاتة أيضا إلى الألعاب الفردية .
وفي هذا السياق وجه عسكر تحذيرا إلى جميع الرياضيين من استخدام حبوب اللازكس والتي بالأصل تستخدم لمرضى الضغط وتخفض السوائل من الجسم إلا أن بعض المدربين يصرفها للاعبين بغرض إنزال الوزن , وأشار أنها تدمر وتدني من مستوى اللاعب لافتا إلى أن حديثه عن ذلك ناتج عن تجربة شخصية , وأن هناك طرق أسهل وأفضل صحيا لإنزال الوزن وعلى أيدي متخصصين , ودعا المدربين واللاعبين أن يتجهوا إلى أناس مختصين بالتغذية ومجالات إنزال الوزن بطرق صحية وسليمة رياضيا وألا يجازفوا بصحة أجسادهم.
البوكسينج والكيك بوكسينج والمويتاي
الكيك بوكسينغ هي اللي انشئ تأسيسها في السبعينيات في امريكا ، المواي تاي رياضه قديمه جدا اخترعوها التايلانديين"
وعن الاختلاف بين الثلاث الرياضات يقول عسكر :الاختلاف بين رياضة البوكسينج والكيك بوكسينج, البوكسينج ملاكمة بالأيدي أما الكيك بوكسينج أي بمعناها العربي "ملاكمة الركل" ملاكمة بالأيدي و مضاف لها مهارة أخرى وهي ضربات الأرجل , أما المواي تاي أي الملاكمة التايلاندية رياضة قديمة جدا بخلاف الكيك بوكسينج حديثة المنشأ وتتميز المواي تاي بضربات الركب والمرافق والمسك من العنق , لكن في الكيك بوكسينج يمنع تماما الضرب بالركب.
* لدي شهية للقتال .. إستعدادات لبطولة قادمة
بعد توقف دام لعامين بعد انتشار جائحة كورونا ولعدم إيجاد الدعم والمساندة ، يعود الشغف وبصورة أقوى
يقول "ضاحكا": لدي شهية للقتال وليس للأكل ، ويتابع:" لدي شغف كبير ولا أقصد من استخدام عبارة الشهية للقتال من جانب سلبي أو عدواني ولكن من جانب تحفيز وحماس وأعتقد أن هذه العبارات تعطيني شغف أكثر وتعبر عني ، وعن جديدي يتم التحضير لبطولة قادمة بإذن الله في ال26 نوفمبر فانتظروني.
حلم يجر حلم .. والأمر لايقتصر على الرياضة
"حلمي لا يقتصر على الرياضة فقط ، نعم حلمي أن أكون بطل العالم وحاصل على حزام بطل العالم للمحترفين وأن أكون رقم واحد وأن أسابق نفسي , و حلمي أيضا أن أساعد كل إنسان متعثر, أن أزرع ولو بذرة تغيير في حياة الأشخاص, حلمي باختصار هو حلمي حياة كاملة, أن أصنع لنفسي حياة جيدة, أنا الآن أعيش حياة بالنسبة لي جميلة ورائعة, ولكن أتمنى الأفضل , وأن أحقق أحلام وطموحات أكثر , بالحقيقة كل يوم يسطع في ذهني حلم (يضحك) , أتمنى أن أحقق استقرار كامل في حياتي , وأتمنى أن أرى بلدي في استقرار وأمن وهذا حلم كبير بالنسبة لي.
*لاتتخلوا عن أحلامكم وطموحاتكم طرفة عين
أقول للشباب الذين لديهم أحلام وطموحات " لاتستلموا ولا تتخلوا عن أحلامكم وطموحاتكم طرفة عين أبدا" وكونوا مؤمنين بأنفسكم , لا نتجاهل صعوبة الوضع حولكم لكن ثقوا بأن بإمكانكم تحقيق ما تتمنونه , فكل من وصلوا إلى حلمهم هم ليسوا أفضل منا بشيء, سواء بقوة الإرادة, وأما الصعوبة التي ستواجهونها فهي رسالة مفادها " هل أنت قد الحلم والهدف الذي تسعى إليه"فإذا استطعت تجاوز هذه الرسالة , ستستمر وتعدي كل العقبات ،
وتذكر أن الحلم هو عبارة عن فكرة أنت أنشأته وصنعته وليس العكس , فكن قوي و قد المسؤولية ولا تتردد في شيء أبدا.
*رسالة أخيرة للجمهور
"رسالتي لكل الجمهور والمتابعين أقول لهم أنا قوي وانتم بجانبي , شكرا لكم وممتن جدا لكم ولكلماتكم وتحفيزكم لي , ودعمكم يعني لي الكثير , شكرا لكل من وقف بجانبي ولم يسعني ذكر أسمه ، أحبكم جميعا , ولا أجد كلمات تصف شعوري بحبهم واهتمامي بآرائهم , وأحب أن أقول لهم حبوا حياتكم , حبوا أنفسكم, تعايشوا بحب وتعاونوا بينكم البين وساعدوا الآخرين, والحياة أبدا لا يوجد فيها أي ضمان , لنذكر بعضنا بالمساعدة والأثر الطيب والذكريات الجميلة, عيشوا حياتكم وجربوا كل شي ولا تتردوا في أي شي والحياة هي ملككم كلكم .
المزيد ...
المزيد ...
المزيد ...
المزيد ...