الإدارة الذاتية في #الجنوب.. خطوة نحو طريق تقرير المصير
لم يأت قرار المجلس الإنتقالي الجنوبي الصادر يوم ٢٥ أبريل ٢٠٢٠م والمتضمن إعلان الإدارة الذاتية للجنوب من فراغ، بل جاء كخطوة حاسمه ومهمة في الإتجاه الصحيح، نظرا لما وصلت إليه الأوضاع الإنسانية في الجنوب وفي العاصمة عدن على وجه الخصوص، من تدهور مفتعل وغير مسبوق في حياة الناس، على كافة المستويات الخدمية والصحية والتعليمية والمعيشية ولحقوه بقطع المرتبات لأكثر من أربعة أشهر على الموظفين والعسكرين المدافعين عن حياض الوطن، وأصبحت حياة الناس جحيماً لا يُطاق.
كما أن مايسمى بالشرعية اليمنية قد تنصلت عن تنفيذ إتفاق الرياض الموقع بينها وبين المجلس الإنتقالي الجنوبي برعاية المملكة العربية السعودية ولم تلتزم بتنفيذه، بل إتخذت خطوات معاكسة له تماماً ! حيث أخذت تحشد قواتها العسكرية مع مجاهدي الإخوان المسلمين ( القاعدة وداعش) باتجاه أبين وعدن.! لقد فاض صبر المجلس الانتقالي الجنوبي بعد أن ضاقت به السبل بسبب هذا السلوك السياسي للشرعية ،في ظل الإحتقان والغليان الشعبي الداخلي وضغط الشارع الجنوبي عليه، باعتباره المفوض من قبل الشعب الجنوبي والمعبر عن الإرادة الشعبية الجنوبية كما جاء في بيان عدن التأريخي في الرابع من مايو ٢٠١٧م.
ففي الوقت الذي كان بإمكان المجلس الانتقالي الجنوبي أن يعلن فك الإرتباط بالعربية اليمنية بعد طرد القوات الشمالية الحوثية الغازية من عدن ومن معظم المناطق الجنوبية في العام 2015م، إلا انه آثر أن يظل وفياً مع التحالف العربي، كحليف إستراتيجي له لإسقاط المشروع الإيراني في اليمن، بهزيمة الحوثيين في صنعاء وعودة الشرعية اليمنية إليها، وفق أهداف عاصفة الحزم والأمل، وقد مضت خمس سنوات، واليوم نحن في العام السادس لم نجد اي تحرك جاد من قبل ماتسمى بالشرعية اليمنية نحو إسقاط الإنقلابيين الحوثيين حسب ما هو متفق عليه مع التحالف العربي، بل ظلوا ينسقون مع الحوثيين من تحت الطاولة ويقومون بتهريب لهم السلاح، المال والوقود وكل مسببات الصمود والبقاء بواسطة حزب الإصلاح وعملائهم في مختلف المناطق.. والأفضع من ذلك إستمرارهم بالانسحابات العسكرية الغير مبررة وتسليمهم مواقعهم التي شملت جبهات ومناطق واسعة الواحدة تلو الأخرى بكل ما تحتويه من الآليات والمعدات العسكرية المختلفة للحوثيين، كما شاهدناهم ومعنا العالم كله في نهم وصرواح والجوف، واليوم مأرب تبدو آيلة للسقوط بتلك الطريقة وذات الإسلوب وفي نفس الوقت يوجهون كل قواتهم بالاتجاه المعاكس في محاولة لنقل المعركة نحو عدن وبقية محافظات الجنوب المحررة.! في اغسطس 2019 حسم المجلس الانتقالي المعركة في عدن وطرد عناصر الإرهاب من معسكرات الشرعية، وكان باستطاعته ان يعلن الإدارة الذاتية او فك الأرتباط حينها تلبية لتطلعات الشعب الجنوبي، إلا أنه لم يقدم على هذا القرار إستحابة لمطالب الأشقاء في المملكة العربية السعودية، فالتزم المجلس الانتقالي بالتهدءة وحضر إلى جدة والرياض للتفاوض مع الشرعية اليمنية حرصا منه على إنجاح مهمة التحالف العربي، وقدم جملة من التنازلات من أجل إنجاح التفاوض لوقف الحرب وصنع السلام في اليمن، والتزاما منه بالقرارات الدولية ودعوات الفاعلين الدوليين، إلا ان مايسمى بالشرعية اليمنية أستمرت في تماديها، مستغلة النفس الطويل لقيادة المملكة العربية السعودية، التي تسعى لحل كافة الخلافات وديا بين كافة الأطراف لتعزيز موقف التحالف في مواجهة العدو الرئيسي في صنعاء (انصار الله الحوثيين).
ظلت الحكومة اليمنية كعادتها تمارس سياسة العقاب الجماعي ضد الجنوبيين مع إزدياد المخاوف من إنتشار مرض كرونا، وأخيرا تأتي كارثة السيول في عدن وما ألحقته من أضرار تسببت في خسائر مادية وبشرية، تم بها إعلان عدن مدينة منكوبة، أظهرت عورة الحكومة بكل وضوح أمام العالم والإقليم بانها فاسدة وفاشلة. وهو ماجعل المجلس الانتقالي الجنوبي أن يتحمل مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية تجاه شعب الجنوب، فأسرع لمسك زمام الأمور لإنقاذه من كارثة إنسانية محققة كادت توصله للمجاعة والفوضئ الخلاقة.! إذا لم يتخذ هذا القرار التأريخي، والذي قوبل بترحاب ومباركة شعبية من قبل الجنوبيين في الداخل والخارج وفي عموم الوطن.
يتطلع الجنوبيون اليوم من العالم والإقليم والتحالف العربي والمنظمات الحقوق والإنسانيه الوقوف إلى جانب المجلس الانتقالي الجنوبي بتائييده ودعمه، والإشادة بدوره الإنساني لإنقاذ حياة الناس في لحظة تاريخية فاصلة. والمجلس الانتقالي الجنوبي مازال يجنح للسلام ويمد يده للعالم وللتحالف العربي، معلنا عن رغبته في تنفيذ إتفاق الرياض حزمة واحدة وصولا إلى تسوية سياسية شاملة يكون المجلس الانتقالي الجنوبي طرفا أساسيا فيها لحل القضية الجنوبية حلا عادلا منصفا وبما يرتضية الشعب الجنوبي وحقه في تقرير المصير، وهو الحق المشروع الذي تكفله المواثيق والأعراف الدولية والإنسانية.
إن قرار المجلس الانتقالي الجنوبي بإعلان الإدارة الذاتية لا يعتبر بأي حال من الأحوال تمردا على الشرعية كما يصفه بعض أنصار الحكومة اليمنية المارقة الموغله بالفساد، والغير متواجدة على الأرض أصلا ,بل ان هذا القرار قد جاء في وقته المناسب كحق مشروع للمجلس الانتقالي المفوض من قبل الشعب الجنوب بقيادة الرئيس عيدروس الزبيدي، لإدراة المناطق المحررة منذ عام ٢٠١٥م، وإعادة الحياة الطبيعية فيها وللعاصمة عدن مدينة التعايش والسلام والوئام، تحت رعاية الرئيس الشرعي عبدربة منصور هادي.
تكمن أهمية قرار المجلس الانتقالي الجنوبي الأخير كونه أتى من أجل إستقرار الأوضاع في المحافظات الجنوبية وضمان فاعلية الجبهات المشتعلة التي تتصدى لها المقاومة الجنوبية ببسالة وتضحيات عظيمة لكل محاولات إسقاط المناطق المحررة من قبل الحوثيين، وهو ما يجب ان يدركه التحالف العربي اليوم، بأن المجلس الانتقالي الجنوبي كان ومازال صادقا، وفيا وملتزما بتعهداته القانونية تجاه التحالف العربي والمجتمع الدولي والمسؤلية الأخلاقية تجاه شعبه العظيم أيضا وسيظل المجلس الانتقالي الجنوبي حليفا إستراتيجياً مع التحالف العربي في محاربة الحوثيين والتمدد الإيراني في المنطقة، كما هو حليفا دوليا في محاربة الإرهاب والتطرف، وقد أثبت ذلك على أرض الوقع بإجتثاثه لعناصر الإرهاب ( القاعدة وداعش) من عدن، لحج أبين، وأجزاء واسعة من شبوة وحضرموت خلال السنوات الماضية، حيث أصبح العدو اللدود لهذه القوى الظلامية، المدعومة من قبل بعض الدول الراعية لها، والتي تسخر اليوم أموالاها وقنواتها الإعلامية المأجورة لمهاجمة المجلس الانتقالي الجنوبي.!
المزيد ...
المزيد ...
المزيد ...
المزيد ...