الصحافيون #البنانيون يفتقرون لقانون يحميهم من الملاحقات العسكرية
أعاد الصحافيون اللبنانيون فتح قضية المحاكمات بحق المدونين بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد صدور حكم غيابي من المحكمة العسكرية على مراسل تلفزيوني انتقد عناصر أمن، ثم جاء دفاع وزير الإعلام جمال الجراح عن الحكم، ليضاعف غضب الصحافيين.
وأصدرت المحكمة العسكرية حكما غيابيا بالسجن 3 أشهر على آدم شمس الدين، بسبب منشور على صفحته في موقع فيسبوك انتقد فيه أمن الدولة بعد إلقاء القبض على شخص يدير صالون تجميل ويعمل في مجال رسم الوشوم، واعتبرته المحكمة “يحقّر جهاز أمن الدولة ”.
وقال شمس الدين “الحكم كان غيابيا علما أنه لم يتم تبليغي في مكان سكني المعروف أين يقع، بل في مكان عملي في تلفزيون الجديد ولكني لم أكن متواجدا وقتها في مبنى التلفزيون، لذلك لم يتم تبليغي بحسب الأصول القانونية”.
وأكد مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية “سكايز”، رفضه محاكمة أي شخص كان على خلفية تعبيره عن رأيه بأي وسيلة متاحة لديه، فكيف إذا كان هذا الشخص صحافيا ويقوم بتسليط الضوء على شائبة ما أو ينتقد سوء أداء أي موظف رسمي أو جهاز أمني أو عسكري، ويصدر حكم بسجنه من قبل المحكمة العسكرية، والتي يدل اسمها عليها وعلى عملها.
وطالب المحكمة العسكرية بالرجوع عن الحكم بحق شمس الدين وإلغائه، وأضاف في بيان أن كل ما عدا ذلك لا يعدو كونه تسلّطا واستبدادا ولا يمتّ إلى القانون والقضاء بصلة، بل عودة رجعية إلى منطق الوصاية الأمنية البائد، وهو ما لا يمكن السكوت عنه بعد اليوم، فلا بدّ من رفع الصوت ودق ناقوس الخطر لتدارك ما يجري قبل فوات الأوان.
وتعود تفاصيل القضية إلى شهر يناير الماضي، حيث استدعت المحكمة شمس الدين للتحقيق معه في تهمة نشر تعليقات تُحقّر جهاز أمن الدولة، من دون تحديد المنشور المعني الذي وجّهت إليه التهمة على أساسه، وفق ما ذكر شمس الدين وقتها، في منشور عبر حسابه في فيسبوك.
ورجّح شمس الدين أن يكون الاتهام الموجه إليه بناء على تعليق نشره في وقت سابق مرتبط بفضيحة “توقيف شبكة الإيدز”، وقال بتهكم “نظرا للود والتقدير اللذين أكنّهما لجهاز أمن الدولة وإنجازاته الكثيرة، واللذين عبّرت عنهما في تعليقات عديدة، أقدّر بأن التعليق الذي أزعج جهاز أمن الدولة هو التعليق المرتبط بفضيحة توقيف شبكة الإيدز”. وأضاف “احتراما مني لجهاز أمن الدولة وحرفيته ومهنيته، وإعرابا عن ندمي لنشر هكذا تعليق، أعيد نشره مجددا والله الموفق والمستعان”.
من جهته، علّق وزير الإعلام جمال الجراح على الحكم الصادر بحق شمس الدين قائلا “نحن مع الحرية المسؤولة وعدم التجنّي والتهجّم والتجريح وندعو الصحافيين إلى التحلّي بالموضوعية واحترام الآخرين”. وذلك عقب جلسة مجلس الوزراء التي عقدت الجمعة.
وأضاف لدى سؤاله عمّا إذا كان مسموحا للمحكمة العسكرية أن تحاكم الصحافيين “إن محكمة المطبوعات معنية بمحاكمة الإعلاميين، إنما إذا حصلت مخالفة تتخطى قانون هذه المحكمة، سيكون من الطبيعي أن تتولى المحاكم الأخرى البت في الموضوع”.
وتابع “لبنان بنى تاريخه الإعلامي على الموضوعية والحقيقة والتحليل السياسي الراقي، وليس على التهجم أو التجني أو التجريح. علينا كإعلاميين أن نكون موضوعيين في مقاربة الحدث واحترام الآخرين، ولا أحد يمكنه تقييد الرأي السياسي”.
وأثارت تصريحات الجراح غضب العديد من الصحافيين والناشطين، وعبروا عن تضامنهم مع شمس الدين، مجددين مطالبتهم بوقف المحاكمات العسكرية للمدنيين، بمن فيهم الصحافيون، وطالبوا بتشريع قوانين تحمي الصحافيين من الملاحقات الكيدية من قبل المسؤولين والسياسيين إثر توجيه أي انتقاد لهم.
وغرّد الصحافي حسين خريس قائلا “كل التضامن مع آدم شمس الدين، المراسل المهني، ضدّ نظام طائفي تحكمه عصابة تاريخها دموي”، كما أعلن الناشط حسين الحاج حسن تضامنه مع شمس الدين “في وجه أي دولة بوليسية تفرض على لبنان”.
وغرد الوزير السابق اللواء أشرف ريفي، عبر حسابه على تويتر، قائلا “حكم المحكمة العسكرية بالسجن غيابيا على الإعلامي آدم شمس الدين غير مقبول ويخالف مفهوم العدالة”. وأضاف “كنت تقدمت بمشروع قانون لحصر صلاحيات المحكمة العسكرية بالعسكريين كي لا تتكرر هذه الأحكام البائدة. كل التضامن مع الإعلامي شمس الدين ونرفض المس بالحريات الإعلامية والعامة”.
وعادة ما يتم استدعاء الصحافيين والمدونين إلى التحقيق معهم في قضايا النشر على مواقع التواصل الاجتماعي، من قبل مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية، وبدءا من العام 2014، ثم الحراك الشعبي في 2015 جرّاء أزمة النفايات، ارتفعت نسبة من يتم استدعاؤهم إلى المكتب على خلفية نشاطهم على الشبكات الاجتماعية.
وتحول المكتب إلى خصم للصحافيين والناشطين. لكنّ الفضيحة التي وقعت العام الماضي في قضية الممثل المسرحي زياد عيتاني زادت من النقمة على المكتب وضربت مصداقيته، مضاعفة من تساؤلات خصومه عن كيفية أدائه لعمله ومن يراقبه.
وفي نوفمبر 2017 اعتُقل عيتاني بتهمة العمالة لإسرائيل. وتصدّر نقاش صحة التهمة من عدمها مواقع التواصل الاجتماعي لعدّة أسابيع، قبل أن يُكشف بعد أشهر قليلة أنّ القضية ملفّقة برمّتها، وأنّ المسؤولة عنها هي الرئيسة السابقة لمكتب مكافحة جرائم المعلوماتية الرائد سوزان الحاج حبيش التي كانت قد أعفيت من منصبها قبل أسابيع قليلة من اعتقال عيتاني.
أمّا سبب تلفيق التهمة فهو الانتقام من عيتاني، لأنها اعتبرته المتسبّب في إقالتها بعد نشره صورة إعجابها بتغريدة مسيئة للنساء. ففبركت الحاج التهمة بالتعاون مع أحد القراصنة يعمل مع المكتب، اخترق حسابات الممثّل ولفّق له محاداثات مع مشغّلة إسرائيلية مفترضة.
المزيد ...
المزيد ...
المزيد ...
المزيد ...