سلطنة عُمان تستعد لتنفيذ أكبر إصلاح اقتصادي في تاريخها
شكّل المؤتمر الوطني لرؤية “عُمان 2040” المستقبلية، الذي اختتم أمس في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض في العاصمة مسقط منصة مهمة لوضع اللمسات الأخيرة لمرحلة تنفيذ تلك الاستراتيجية الطموحة على أرض الواقع.
وناقش مسؤولون وخبراء اقتصاد عمانيون وعرب وأجانب في جلسات عديدة على مدار يومين أهمّ الأفكار، التي يمكن أن تتبلور خلال العقدين القادمين من خلال تحديد أهداف السلطنة المستقبلية ورسم خارطة العمل وآليات التنفيذ.
وتهدف الرؤية إلى تطوير كافة مناحي الحياة بتنويع مصادر الدخل والابتعاد تدريجيّا عن الاعتماد على صادرات الطاقة، مع تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد.
والتحقت مسقط بركب جيرانها في الخليج، وخاصة الإمارات والسعودية، في السير في هذا الدرب خاصة بعد أن تضررت موازنتها في السنوات الأربع الماضية جرّاء تدهور أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وأكد الشيخ عبدالله بن سالم السالمي الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال في تصريحات لـ”العرب” أن المؤتمر ينعقد لمراجعة وثيقة الرؤية التي تمّ وضعها بعد ثلاث سنوات من العمل والدراسة.
وقال إنّ “مشروع الوثيقة جاب كل المحافظات وتفاعل مع كل أطياف المجتمع، على غرار مؤسسات التعليم العالي والمجتمع المدني ومؤسسات القطاع الخاص وغيرها”.
وأوضح السالمي، الذي يرأس لجنة الاقتصاد والتنمية في “رؤية 2040” أنه تمّ عقد المؤتمر لمناقشة مختلف المؤشرات التي تمّ التوصل إليها تمهيدا لإنهاء مسودة الرؤية المستقبلية.
وتأمل مسقط عبر تلك الرؤية في الوصول إلى تحقيق نسبة نمو تقدّر بنحو 6 بالمئة بحلول 2040 وأن تكون ضمن أفضل 20 دولة في العالم، وضمن العشر دول الأوائل تجاريا.
ويعتبر المؤتمر أحد المسارات والأنشطة الرئيسية المكمّلة لإعداد وثيقة الرؤية المستقبلية، كما يهدف إلى تعزيز المشاركة المجتمعية في الرؤية ومناقشة الملامح التفصيلية لها واستعراض أفضل الممارسات الدولية لتحقيق الاستراتيجيات طويلة المدى.
وصاحب المؤتمر عدد من الأنشطة منها معرض يسلّط الضوء على عدد من المشروعات التنموية التي يجري تنفيذها بما يتوافق مع توجهات الرؤية المستقبلية نحو تعزيز الاستثمار وخلق مناخ ممكن للقطاع الخاص.
كما أقيم على هامش المؤتمر ملتقى يهدف إلى إشراك الشباب في اقتراح أفكار ومُبادرات يمكن أن تُسهم في تحقيق أهداف الرؤية.
واستهدف المُلتقى جذب 350 شابا من الجنسين من مختلف محافظات السلطنة، وخمسين آخرين من الشباب العربي المُقيم في السلطنة.
وكان هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة ورئيس اللجنة الرئيسية للرؤية “عمان 2040” قد أكد خلال افتتاح المؤتمر أنّ “اللجنة حرصت على أن يكون المجتمع بمختلف شرائحه وبكافة المحافظات حاضرا ومساهما فى إعداد مشروع الرؤية وشريكا أساسيا في صياغة أولوياتها وتطلعاتها”.
وأضاف أنّ “اللجان وفرق العمل المختصة باشرت تحديد محاور وركائز للرؤية كإطار ينظم العمل وبدأت في تشخيص الوضع الراهن ثم انتقلت إلى مرحلة استشراف المستقبل وإعداد السيناريوهات المستقبلية بالاستناد إلى فهم واستيعاب ترابط المتغيّرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في السلطنة مع محركات التغيير العالمية”.
وتطرّقت الجلسة الأولى التي عقدت الأحد إلى التحديات المستقبلية التي تواجه الحكومة والعمل على إيجاد حلول مستدامة لها على غرار الآثار المترتبة على الهجرة.
كما استعرضت الجلسة أبرز التحديّات التي تواجه الجهات القضائية بالسلطنة، ومنها المراحل الطويلة التي تأخذها عملية سنّ القوانين. وشهد المؤتمر أمس إقامة 4 جلسات حوارية، تتناول الأولى دور القطاع الخاص في تحقيق الرؤية، فيما ناقشت الجلسة الثانية موضوع إدارة التغيير والتوجيه الإيجابي للسلوك الإنساني.
وبينما تمحورت الجلسة الثالثة حول التعاون والتكامل الاقتصادي وأهميته لتحقيق الرؤية، تناولت الجلسة الرابعة الممارسات الدولية لتحقيق الرؤى والأولويات الوطنية ومواءمة الاستراتيجيات والخطط الوطنية.
وأكد طلال بن سليمان الرحبي نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط أنّ أبرز أهداف “رؤية 2040” هو مضاعفة الدخل السنوي للمواطن العماني وأن تساهم القطاعات غير النفطية بنحو 93 بالمئة في الناتج المحلي الإجمالي.
وأوضح أن الرؤية تستهدف بلوغ نسبة الاستثمارات الأجنبية إلى الناتج المحلي الإجمالي 10 بالمئة وأن تكون حصة القوى العاملة المحلية 42 بالمئة من إجمالي الوظائف المستحدثة في القطاع الخاص.
وبيّن أن إجمالي عدد المشاركين بشكل مباشر في إعداد الرؤية يبلغ 22 ألف شخص من بينها مؤسسات المجتمع المدني والمحافظات والمجالس البلدية والقطاع الحكومي وغيرها
المزيد ...
المزيد ...
المزيد ...
المزيد ...