ومن خلال تجارب الكتابة الكثيرة، ونصائح النقاد والخبراء، الذين تحدثوا عن الكتابة وطقوسها، وإمكانيتها لشخص ما، تؤكد الأغلبية، أن هذا الفن الذي يستصعبه البعض، هو في متناول أيدينا، إذا ما صممنا على ذلك.
وحسب رأي الروائي والناقد أحمد المديني، فإن أول شرط من شروط الكتابة، هو توفر مادة الكتابة نفسها، أي الموضوع الذي نريد الكتابة عنه، وتحديده، والتأكد من أننا نملك ناصية ذلك الموضوع.
ويستلزم امتلاك الموضوع الذي نريد تناوله، أن يكون واضحا، ولدينا إحاطة شاملة به لا يشوبها أدنى شك.
الشرط الثاني، للكاتب، وعكس ما يعتقده البعض، من وجوب وجود ملكة خاصة، تشبه السحر، وتمكننا من التعبير، فما هو إلا مبالغة من البعض، لأن الكتابة تختلف عن الشعر، الذي هو فن قائم يشبه الرسم، والعزف، فيما الكتابة تشبه إلى حد بعيد، تلك المراسلات التي اعتدنا عليها، حين نكتب رسالة شوق إلى ذوينا أو من نحبهم.
وهنا فقط، وجب علينا أن نتأكد أن السرد الذي نحن بصدده يمتلك لغة سهلة وواضحة كل الوضوح للتعبير بها، فالبلاغة التي قد نعتقد عدم امتلاكها، خير معين عليها هو الوضوح في التعبير، والدقة، والصدق فيه.
ويبقى بعد أن نتأكد من امتلاك مادة الكتابة، ولغة واضحة مقبولة للتعبير عنها، هو ما يمكن أن نسميه "وقت الكتابة والالتزام به"، حيث اعتدنا سماع أعذار كثيرة ممن يعتقدون أنهم لا يملكون الوقت.
وحسب الروائي والأديب العالمي الشهير إبراهيم الكوني، فإن وقت الكتابة متوفر للجميع دون استثناء، وهو يشبه كل الأشياء التي نفرد لها وقتا، كوقت الطعام، أو وقت النوم، أو الوقت الذي نفرده للأصدقاء والذهاب إلى أماكن الترفيه.
فالوقت عند الكوني، هو شيء نقوم بصناعته، والالتزام به، كما نلتزم بكل شيء، فيمكن لمن يريد الكتابة، أن يخصص من ساعتين إلى أربع ساعات، كل يومين، أو كل ثلاثة أيام، أو كل أربعة أيام، ولا يستحب أن يتجاوز الأمر أكثر من ذلك حتى لا تفتر روح الكاتب ويذهب حماسه.
وفي عملية حسابية سهلة، يمكن لأي منا إنجاز كتابه الذي يحلم به، خلال 35 إلى 40 يوم عمل، وهو معدل غير شاق في الكتابة إذا التزمنا في كل يوم بكتابة ألف كلمة بشكل متأن وبتركيز عال، مع المراجعة الدقيقة لها.
وأفضل تعبير وتلخيص لإمكانية ذلك، ما عبر عنه الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور، من أن "الفكرة الواضحة سرعان ما تجد الكلمات التي تناسبها".