دعوة لتكريم اليوسفي لحفاظه على الآثار
عمر سالم عبدالله اليوسفي، عسكري سابق، ولاعب جودو محترف في جيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.. يسكن في أطراف قرية قطنان، مديرية الحد-يافع، بالقرب من المستوطنة الأثرية المعروفة بـ"هديم وديم"، تشبع بحب الوطن وأخلص له سنوات خدمته الطويلة في الجيش، كما عبر عن ذلك في موقفه الواعي من أهمية الحفاظ على المواقع الأثرية وحمايتها من النهب والتهريب ويُدوَّن له ذلك الموقف بأنصع الصفحات.
فحينما تم الكشف عن مستوطنة "هديم وديم" الأثرية عن طريق الصدفة، في ثمانينات القرن الماضي، وقبل أن تقوم السلطة المحلية بالمركز حينها بتسويره وجمع الآثار التي حصل عليها المواطنون، كان عمر بن سالم ضمن من بادروا لحماية الموقع منذ اللحظات الأولى لاكتشافه لإدراكه بأهمية الحفاظ على هذه الآثار التي تهافت وتسابق عليها تجار الآثار في المناطق الشمالية المجاورة. كما كان ممن سلموا ما لديهم من آثار للسلطة المحلية حينها فنال التقدير والاحترام ومُنح شهادة تقديرية من سكرتارية منظمة الحزب اشتراكي اليمني في مركز الحد –يافع مؤرخة 16نوفمبر 1978م تقديراً لجهوده المتفانية في حماية المواقع التاريخية ودوره الإيجابي في جمع وإيصال بعض القطع الأثرية والوسائل القديمة إلى مجمع الآثار في عاصمة المركز، كما ورد في نص الشهادة التقديرية التي ما زال يحتفظ بها في أرشيفه الأسري، مع شهادة تأهيلية نالها من رئاسة الأركان العامة عام 1989م لإكماله بنجاح دورة في لعبة "الجودو".
ولتعلقه بالآثار فقد حفظ ثلاث من الحجارة المطرزة بالنقوش المسندية التي حصل عليها من أطلال الموقع الأثري ، ووضعها زينة يفاخر بها في واجهة بيته الذي شيده حينها، وما تزال تتصدر الواجهة وتجذب أنظار الزوار من المهتمين، وقد كانت وجهتنا ووجهة بعثات أثرية سجلت هذه النقوش وقرأت نصوصها.
وما جعله يحظى باحترام وتقدير كبير هو احتفاظه حتى اليوم بنقش على حجر جيري كبير الحجم، لم يفرِّط به رغم الاغراءات المادية التي عُرضت عليه، وشخصياً زرته لمرتين خلال العشر السنوات الماضية، وتحفظت عن الكتابة عنه في ظل الأوضاع المضطربة التي مرت بها بلادنا، لا سيما مع انهيار مؤسسات الدولة وظروف الاحتلال الذي تعرض له جنوبنا الحبيب وما نتج عن ذلك من نهب لمتاحفنا وآثارنا.
وأعتقد أن الفرصة حانت ومن الواجب على السلطة المحلية تكريمه واقتناء هذا النقش الهام منه ليضاف إلى تلك النقوش والآثار المحفوظة في متحف بني بكر، بل أن على وزارة الثقافة والهيئة العامة للآثار أن تكرمه التكريم اللائق وهو ما نتوقعه من مدير الهيئة العامة للآثار الدكتور أحمد باطايع الذي كان له قصب السبق في الحفاظ ودراسة آثار ونقوش المنطقة بمعية الدكتور محمد عبدالقادر بافقيه، طيب الله ثراه، وله عدد من الدراسات المنشورة الهامة المكرسة لنقوش وآثار مستوطنة "هديم وديم". وكان الدكتور باطايع على رأس بعثة الآثار التي زارت مديرية يافع في تاريخ 21/9/1987م لغرض النزول إلى المواقع الأثرية والمعالم التاريخية في مديرية يافع، وخاصة في الحد، ودراستها وحصرها وتوثيقها، وكذا زيارة متحف بني بكر في الحد وتم من خلال هذه الزيارة المسح الأثري للمنطقة وتصنيف وحصر المعالم التاريخية الأخرى كالقصور القديمة والقلاع والنوب.
نأمل أن تتواصل الجهود ، لا سيما وأن زميلنا العالم والمختص بالآثار د.باطايع يقف الآن على رأس الهيئة العامة لللآثار، ونتوقع منه مواصلة المشوار، في الحافظ على هذه الآثار ، وتكريم من حافظ عليها من الرجال الأخيار.. وفي المقدمة منهم هذا الرجل الوطني الشهم، الأصيل والنبيل، عمر بن سالم بن عبدالله بن أحمد اليوسفي القُطناني، وهناك مواطنون آخرون يحتفظون بقطع أثرية أخرى غير موثَّقة، ولا بد من توثيقها وتكريم أصحابها ممن حافظوا عليها لعقود ولم يفرطوا بها..
YOU for information technology