الإنسانية الزائفة ومعتقلات الإخوان
كمية النفاق الإعلامي، وحجم التهويل، والابتذال، والإنسانية الزائفة، والكيل بمكيالين في التعامل مع الانتهاكات الإنسانية، في محافظة شبوة، والسكوت عن جرائم قتل، واقتحام القرى الآمنة، والتعذيب، ناهيك عن أساليب وطرق الاعتقالات التي كانت تقوم بها سلطة بن عديو والقوات القمعية التابعة له، هذا النفاق، والزيف الذي اتبعه الكثير في شبوة مؤخرا، هو ما جعلنا نتذكر جزء مما حدث خلال تلك الفترة، لمواطنين، اعتقلوا في مقر اللواء الثاني مشاه جبلي بمدينة عزان محافظة شبوة في ٣ أكتوبر ٢٠١٩م، طبعا ملف الإنتهاكات كبير، والجرائم متعددة، ولكن ما سنذكره هنا هو "جزء" مما شهدناه بأنفسنا خلال فترة الاعتقال.
فور وصولنا في ذلك اليوم الدامي الى كنتيرة الإعتقال، الواقعة على تبة مطلة على المدينة، سمعنا إطلاق نار من الأسفل تبين لنا لاحقا من خلال المعتقلين الذين انضموا إلينا في الكنتيرة الحديدية(حاوية) بعد الحادثة ان تلك الرصاصات كانت موجهة إلى صدر مواطن اعزل هو سعيد بن تاجرة القميشي، وهو الخبر نفسه الذي أبلغني به أحد المحققين لكن برؤية اخرى، وفقا لنظرية الجلاد.
كما كانوا معنا في المعتقل مجموعة من الشباب صادف مرورهم في مدينة عزان وهم في طريقهم إلى المكلا صادفوا هذه الحملة الشعواء لقوات الإخوان لمنع التظاهرة السلمية المزمع إقامتها في ذلك اليوم في المدينة، قرر عندها عتاولة المليشيات الإخوانية ان يكون عقابهم الاعتقال والسجن في تلك الصفيحة الحديدية شديدة الحرارة، ونال هؤلاء الشباب ما نالهم من صنوف القهر والتعذيب.
بعد منتصف الليل استيقظنا على الصراخ واصوات السياط وهي تهوى على اجساد هؤلاء الفتية ، وأنواع من التعذيب يتلقونه على يد الجلادين، وكانت صرخاتهم تقشعر منها الابدان، وبعدها تم احالتنا إلى معتقل الشهداء غرب عتق، ولا أعلم ماذا جرى لهم بعد ذلك.
زميلي عبد الكريم الكربي هو الآخر تعرض للتعذيب، والحقن بالماء تحت الجلد، وغيرها من الأساليب القاسية التي تلقاها في معتقل اللواء الثاني مشاه جبلي ، كما رأيت بكنتيرة الاعتقال هذه الكثير من الأطفال، وكبار السن والمرضى الذين زج بهم دون مراعاة أدنى حقوق الإنسان.
وفي احد زاويا الكنتيرة كان يقبع رجل ثلاثيني العمر من مدينة الحوطة، وقميصة ملطخ بالدماء، لايستطيع الحركة أو النوم على جنبيه نتيجة الضرب بأعقاب البنادق والركل الشديد الذي تعرض له من قبل جنود مليشيا الإصلاح في عزان، وكان يشكو كثيرا من ألم في اضلاعه، ومنعوا خروجه للمستشفى للعلاج.
حتى هواتفنا لم تسلم منهم، وإلى جانب هواتفي صادروا ايضا هواتف وعبد الكريم الكربي، وعبد الرحمن العشملي، وقد علمت فيما بعد أن قائد القوات الخاصة لعكب قد أمر بتكسيرها، رغم التزام مدير شرطة شبوة عوض الدحبول بتسليمها لنا بعد ثلاثة أيام من خروجنا وهو الوعد الذي لم يتحقق.
هذا نزر يسير مما تعرض له الكثير من المواطنين ممن طالهم الإعتقال في زمن المحافظ السابق بن عديو، الذي أطلق يد تلك المليشيات لتنال من أبناء شبوة الشرفاء، واستطاع ان يدون في عهده اول حالة اقتحام للقرى والأرياف في المحافظة منذ عدة عقود، ولم يسبقه أحد من قبل في هذا الجانب، ووصل لقمع في عهده معظم مديريات محافظة شبوة، شرقها، وغربها، وجنوبها وشمالها، وكانت نقطة سوداء في جبين تلك المرحلة الإخوانية حالكة السواد.
YOU for information technology