رأي
الخميس 08 أبريل 2021 01:27 صباحاً

الحريبي..ناضل بصمت ورحل بصمت

د. علي صالح الخلاقي

غادرنا قبل أيام بصمت وسكينة ودون ضجيج المناضل الوطني صالح محمد خالد الحريبي، رحمة الله تغشاه، وكان ذلك الصمت يلقي بظلاله على سيرته النضالية طوال حياته، فقد عاش معظم سنوات حياته مناضلاً يعمل بصمت وإخلاص بعيداً عن الأضواء أو التباهي أو الظهور، بل ولم يكن حتى يحب الحديث عن دوره النضالي والذي سمعنا به وعرفناه فقط مما قاله عنه زملاؤه ورفاق دربه من رعيل المناضلين الأوائل..

شخصياً ارتبط اسمه بذهني منذ المرحلة الابتدائية، ثم الإعدادية، مع رفيق دربه المناضل صالح فاضل الصلاحي منذ مطلع السبعينات من القرن الماضي..وكان لي شرف التعرف عليه حينها بقامته الفارعة وهدوءه وتواضعه وخلقه الرفيع في غمار العمل الوطني الذي ارتبطت به مبكراً، منذ مراحل الدراسة الإعدادية التي جمعتني بنجله الخلوق محمد ضمن أول دفعة في أول مدرسة إعدادية تُفتتح في يافع الجبل..  

ربما لا يعرف الكثيرون أن المناضل صالح محمد الحريبي من رعيل الثوار الأوائل الذين هبوا لطرد الاستعمار البريطاني، وكان عضوا في جبهة الإصلاح اليافعية، التي كانت أحد التنظيمات والمكونات التي تشكلت منها الجبهة القومية. ويكفيه فخراً أنه كان من الشخصيات الرئيسية التي عملت على إنهاء الفتن القبلية في المنطقة وثبتوا سلطة الجبهة القومية. وقبيل الاستقلال شهد منزله في قريه "الخلقة" بالسليماني حدثاً مهماً نتعرف عليه من ذكريات المناضل سالم عبدالله عبدربه، حيث يقول:" في صباح يوم الأربعاء الموافق 4أغسطس 1967م توجه وفد جبهة الإصلاح اليافعية إلى ملم أهل السليماني قرية (خلقة السلماني) بالمفلحي، واستضافهم في منزله المناضل صالح محمد خالد الحريبي، نيابة عن والده الشيخ محمد خالد الحريبي".

 ومن منزله تم التوجه لحل الكثير من القضايا والمشاكل القبلية العالقة من خلال عقد الصلح بين أطراف النزاع وكان ذلك تميهيداً لانهاء الفتن القبلية إلى الأبد بعد تثبيت السلطة الوطنية بعد تحقيق الاستقلال الوطني في 30نوفمبر 1م67م.

كما أسهم الفقيد بقسطه في تثبيت السلطة المحلية وبسط الأمن، وتحمل مسئوليته الأمنية مع رفيق دربه صالح فاضل الصلاحي الذي اختاره للعمل إلى جانبه في منطقة الحد الحدودية مع الجمهورية العربية اليمنية وبموافقة من الرئيس سالمين، كما دون ذلك في كتاب ذكرياته الموسوم "ذكريات عمران..الفدائي والإنسان"، يقول عنه:"

  كان صالح محمد الحريبي من الرفاق الذي اشترطت أن يكون إلى جانبي، والسبب أن هناك من بعض الرفاق المتطرفين من سعوا لفصله من التنظيم واعتقاله دون أي ذنب حقيقي، سوى أنه ابن شيخ، وهو ومثله كثيرون خدموا الوطن والنَّاس بإخلاص في أصعب الظروف وأكثرها تعقيداً. 

وما زلت أتذكر كيف ساعدنا لاحقاً كل من كافحوا وعملوا معنا في تلك الظروف الشاقة والصعبة في أن ندافع عنهم بقوة، حتى أنه كان علينا في بعض المواقف مواجهة المتعصبين بمطالبتهم أمام قيادة الدولة بأن يقدموا جرداً بأعمالهم الوطنية وأقدم أنا جرداً مماثلاً بالأعمال الوطنية التي قدمها للوطن من يتهمونهم بالمتربصين".

كما أورد اسمه ضمن كوكبة من المناضلين الذين واجهوا بثباتهم المؤامرات التي كانت تهدد النظام الوليد، فباغتوا العدو في عملية جريئة في عمق أرضه باستهداف معسكره نقلوا خلالها المدفعية والقذائف على ظهر جمل، ونفذوا مهمتهم بنجاح والعودة بسلام. ويتذكر من بين رفاقه في هذه العملية: محمد حسين شوبة الذي تم تفريغة من القوات المسلحة - سلاح المدفعية، وكل من: صالح محمد الحريبي، حسن محمد عبدالصفي، محمد عبدالرب ناصر، يسلم عبدالله، علي صالح مكسر، صالح علي المخنقي، حسين المصيق، علي عطبوش، عثمان عطبوش، صالح عطبوش، علي عبدالنبي، حسين عبدالله العقيلي، أحمد صالح غرامة وعدد من المدنيين والعسكريين، ومدفع هاون 81، ومدفع ٧٥ مباشر. 

ومن ضمن المهام التي تقلدها الفقيد مسؤلية الأمن في يافع – لبعوس، وحظى بتقدير واحترام كبيرين، لما اتسم به من العقلانية في معالجة الأمور الأمنية، الأمر الذي جعله مقبولاً لدى الجميع وحاز حبهم ورضاهم. وتقديراً لسيرته النضالية العطرة تم تكريمه بوسام الإخلاص ووسام 30نوفمبر..وتظل سيرته ومواقفه المشرفة تضيء صفحات تاريخنا الوطني وتستلهم منها الأجيال معاني الإخلاص والحب والوفاء والولاء للوطن..

جميع الحقوق محفوظة لـ [عدن لنج] ©2024
تطوير واستضافة
YOU for information technology