باحثون سعوديون يكتشفون كنزًا اقتصاديًا في بكتيريا تعيش في البحر الأحمر
كشف باحثون سعوديون من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية عن تسلسل جينوم سلالتين من بكتيريا العصويات، تعيشان في البحر الأحمر وتتضمنان عناقيد جينية (مجموعة من الجينات المتجانسة) في مادتهما الوراثية قادرة على إنتاج مركبات نشطة كالإنزيمات والمضادات الحيوية بمعدل مثالي.
وبينت نتائج الأبحاث غنى البكتيريا بالجينات المتعلقة بإنتاج إنزيمات الببتيد اللاريباسي، ما يجعلها مصدرًا لمضادات حيوية جديدة وكنزًا اقتصاديًا لعلاج الميكروبات التي تصيب الإنسان والنبات.
قالت غفران عثوم المؤلفة الأولى للبحث في حوار مع مرصد المستقبل «اكتسبت سلالتي البكتيريا؛ بارا ليتشينفورمز باك 48 وبارا ليتشينفورمز باك 84 تلك الموروثات الجينية نتيجة للظروف البيئية القاسية التي تمتاز بها مياه البحر الأحمر؛ متمثلةً في ملوحتها العالية ودرجة حرارتها المرتفعة، التي تزيد عن 35 درجة مئوية في فصل الصيف.»
ويؤدي تعرض البكتيريا لظروف بيئية قاسية إلى محاولة التكيف مع محيطها بتنشيط موروثات تسهم في إفراز مواد أيضية تحمي بها ذاتها وتساعدها على تحمل تلك الظروف. لذلك تمتاز السلالات البكتيرية الموجودة في البحر الأحمر بقدرتها على إنتاج إنزيمات مقاومة للحرارة، وتمثل بذلك مصانع خلوية جبارة وفقًا لما نُشر في البحث.
قارن البحث الذي نشر في مجلة بي إم سي جينومكس التابعة لمجلة نيتشر العالمية، الجينوم الخاص بسلالتي باك 48 وباك 84 بسلالات أخرى من بكتيريا العصويات، بالاعتماد على تقنيات حاسوبية مطورة، وأظهرت النتائج ولأول مرة غنى هاتين السلالتين -وخصوصًا سلالة باك 48- بعناقيد جينية متعلقة بإنتاج إنزيمات حيوية (إنزيم ترانس أسيل ترانسفيراز وإنزيم بولي كيتيد سينثيتاز).
وقالت عثوم «أظهرت سلالتي البكتيريا المستخلصتين من ميناء رابغ المطل على البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية، مقاومة حيوية لثلاثة أنواع من الميكروبات؛ هي المكورات العنقودية الذهبية، والسالمونيلا التيفية والبكتيريا المسببة للتقرح البكتيري في النباتات، ونسعى مستقبلًا لتوظيف هذا الجينوم البكتيري في إنتاج مضادات حيوية جديدة.»
أضافت عثوم «نبعت فكرة الدراسة البحثية من وجود جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية على شاطئ البحر الأحمر، حيث الطبيعة الخلابة التي منحتني شغفًا كبيرًا، إذ كان التحدي الأساسي بالنسبة لي هو الكشف عن الإمكانات الحقيقية لهذه السلالات البكتيرية باستخدام الحد الأدنى من التدخل البيولوجي، ومن هنا جاء دور التنقيب عن التسلسل الجينومي باستخدام البرامج الحاسوبية.»
تتصاعد مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية في السنوات الأخيرة، لذا يسعى الباحثون لاكتشاف علاجات جديدة مصدرها الطبيعة للقضاء على هذه المقاومة، إذ استخلص البشر أقدم المضادات الحيوية المعروفة وهي البنسيلين من فطر عفن البنسليوم واستخدم كعلاج للعديد من المِكروبات كالمكورات الرئوية والسحائية.
المزيد ...
المزيد ...
المزيد ...
المزيد ...