رأي
الثلاثاء 08 أكتوبر 2019 03:28 مساءً

هذه أرضنا .. ولن تسرق منا مرةً أخرى

حربي المقرعي الصبيحي

 

انتابتني جملة من مشاعر الحسرة والأسى وأنا أرى صديقي يحاول بقدر الإمكان إخفاء دمعات كانت تترقرق في محجري عينيه ويريد عبثاً حبسها ومنعها من أن تسح وتسيل على لحيته وكذا كما يبدو كان يستجمع قواه ليتغلب على حرقةٍ وغصة سرت حينها في أحشاءه سريان النار في الهشيم وذلك حينما كان واقفاً يودع فلذة كبده وهو يمتشق بنديقته ويتأبط جعبته متوجهاً صوب الساحل الغربي وما أدراك ما الساحل الغربي ! .


وأكثر ما حز في نفسي من تلك المشاعر عندما كنت أراه وهو يتبع ولده بتلك النظرات الحزينه متمتماً له بالدعاء ، بينما ولده يتوارى ويبتعد حتى اختفى عنه بين الزحام .


وكثيرون مثله من الجنوبيين من دفعوا بأغلى ما يملكون ؛ فلذات أكبادهم وأحبابهم وأقاربهم إلى ذلك المكان ذات الرياح العاتية والصحاري الملتهبة والرمال الحارقة التي تختبي أشباح الموت تحت كل حبة رملٍ فيها فمنهم من يعود محمولاً على النعش إلى مثواه الأخير ومنهم من يعود محمولاً على الأكتاف إلى منزله فيظل يعيش حياة البرزخ على الفراش لا يقوى على الحركة بسبب إصابته الغائرة ، ومنهم من لا يعود أبداً ولا يعلم ذويه هل هو في معتقلات التعذيب ؟ أم قد صار في جوف الكلاب المسعورة وبطون السباع والثعالب وغيرها من آكلات الجيف .


لقد دفع الجنوبيون ثمناً باهضاً وكلفةً كبيرةً في مختلف ميادين الوغى وساحات النزال أثبتوا من خلالها أنهم قادرون على اجتراح المآثر وصنع الإنتصارات المشرفة حيث تمكنوا بدعمٍ محدودٍ وفي زمنٍ محدودٍ من تحرير أرضهم ودحر الاحتلال الشمالي بمختلف مسمياته وأنواعه وألوانه كما تمكنت ألويتهم القتالية من التوغل في الساحل الغربي حتى كانت قاب قوسين أو أدنى من قطع عرق الوتين وحبل الوريد على الإنقلابيين الحوثيين بالسيطرة على ميناء الحديدة لولا تآمر ما تسمى بالشرعية على نفسها بذلك الاتفاق المهين والمذل في نفس الوقت .


وبالرغم من تلك التضحيات الجسيمة التي قدمهاالجنوبيون ، وبسخاء منقطع النظير في مختلف مواقع العز والكرامة فيلزمهم التحلي باليقظة والاستعداد العالي والتسلح بالإرادة والعزم على تقديم المزيد من الدماء والأنفس على مذابح الحرية ومسالخ الشرف لأنه مازال هناك من يتربص ويتحين الفرصة المناسبة للإنقضاض والعودة إلى الجنوب عبر نافذة الشر وليست الشرعية مع أنهم يعلمون تماماً إن هذه أرضنا وقد سرقت منا على حين غرة ،تحت مظلة الوحدة الملعونة والعروبة المزيفة ، ويقع عليهم أن يعلموا تماماً إننا لن نتركها تسرق منا تارةٍ أخرى تحت أي مسمى أو مبرر مهما تربص المتربصون وتحايل المتحايلون وتآمر المتآمرون والماكرون بعد أن تكسرت جماجم آبآئنا وإخواننا وابنائنا على كل شبرٍ فيها،فهذه أرضنا نحن من نبت عليها ونحن من سيدفن فيها فسنذود عنها ونقدم من أجلها وفي سبيلها وبإستمرار كل غالٍ ونفيس ولا نامت أعين الجبناء .

جميع الحقوق محفوظة لـ [عدن لنج] ©2024
تطوير واستضافة
YOU for information technology