رأي
السبت 10 أغسطس 2019 08:46 صباحاً

أنتهت اللعبة

جلال الشرعبي

ثقوا أن الرئيس عبدربه منصور هادي لا يمكن أن ينتصر بأي معركة عسكرية، فقط هو يجيد التفكيك كضمان لبقاء كرسي الحكم، ولو كان ذلك الكرسي يحمله ككتلة لحمية بدون روح أو حلم أو بلد.

 

الرئيس الذي ترك صنعاء والدولة والجيش بناءً على حسابات صغيرة فرضتها عقليته التآمرية على شعبه وجيرانه لا يمكن أن يكون أميناً على عدن أو غيرها. 

 

وما يجري في عدن لا يجب أن يدفعنا إلى العبور فوق المشكلة الرئيسية المتمثلة برئيس ضعيف يمارس الابتزاز ضد بلاده والتحالف، وهو كاذب وماكر في بناء دولة أو استعادة شرعية. لنذهب في نقاشنا نحو المشكلات الجانبية التي جاءت بسببه.

 

مفردات الوحدة والشرعية والجمهورية والدولة والوطن التي تحضر فجاءة عند المشكلات ليست سوى مفردات لصوص يتخفون خلفها، وليسوا رجال دولة من الرئيس إلى كل منتفعي الوظيفة العامة بمقاساته وأوزانه وتقييماته.

 

هكذا يريد الحاكمون باسم رئيس ضعيف أن يسوقون الوهم، ويريدون من الناس الآن أن يقفون معهم ويتذكرون عدن، وماذا تعني الدولة، وهم بالحقيقة يدافعون عن مصالحهم وأنانيتهم وعصبياتهم المناطقية. 

 

بربكم هل تلمسون في الخطاب الرسمي معنى الدولة والشرعية والوحدة وحتى أدنى مسؤولية لها تجاه هذه المفردات؟ أليس هذا الخطاب نفسه من يكرس مفهوم المناطقية وليس الدولة وأنت ترى دفن متعمد لرئيس الحكومة وتسويق شخصيات مناطقية يتم تقديمها كأمراء حرب وليس رجال دولة. 

 

أي دولة يمكن الحديث عنها وأنت تراها في صمت القبور وهناك قتال ودبابات ومدفعية وقتلى مدنيون يسقطون وهي تسوق لخطاب مأزوم ومريض؟

 

أي دولة تجعل مديراً للأمن في محافظة أبين هو من يتوعد بتحريك مقاتلين قبليين للدفاع عن عاصمة الدولة؟

 

أي دولة تظهر وزيراً للنقل حاملاً سلاحه وذخيرته ويتوعد غير أنها تُسوق لدولة تعني الرئيس وجماعته في أبين؟

 

أي دولة يمكن الحديث عنها أو أن عبدربه منصور هادي قد أبقى ولو على جزء يسير من شرفها وكرامتها وهو يبتهج عبر إعلامه والمهرجين في فلكه وعطاياه بتحرك مسلحين قبليين للدفاع عن عدن. 

 

هادي هو الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة الذي ترك الحوثيين يجتاحون العاصمة صنعاء، وهو فيها دون أن يصدر قرارًا بالدفاع عنها، وكان خائن للدولة وشرفها.

 

وهو نفسه الذي مايزال بعد خمس سنوات الرئيس والقائد الأعلى للجيش ومن باع الوهم للتحالف بأنه يبني جيشًا ويقود معركة لاستعادة الدولة لنراه الآن يراهن على الوهم. 

 

جيش الوهم الذي أظهر  قائد المنطقة الرابعة فضل حسن صامت مثل رجال العصابات بتصوير رديئ وكأنه لايملك حيلة، والتحالف يدفع رواتب لمايزيد عن مائة وعشرين ألف في منطقته، هل يمكن تسميتهم رجال دولة أم لصوص؟ 

 

جيش بعشرات الآلاف في دولة مأرب على الطريقة الإخوانية لا نرى لهم حس، ويكتفي ناشطون من الجماعة لخوض الحرب في مواقع التواصل الاجتماعي.

 

والآن بخفة يدعو أبناء عدن البسطاء للدفاع عن سلطته، وهو لم يكلف نفسه توفير أبسط الخدمات، وظل عبر وسطاء ينشر الشائعات بأنه ممنوع من العودة لعدن دون أن يقول ذلك ويتحمل مسؤليته.

 

ما يحدث في عدن يجب أن يفتح بابًا واسعًا للحساب، وإصلاح شرعية لاتجيد سوى جمع المال والفساد واختلاق معارك جانبية لتغطية هذا الفشل.

 

ثم لا تستحي هذه  "الشرعية" أن تطالب السعودية بالتدخل لإيقاف ما يحدث في عدن، وهي في الوقت ذاته تكيل لها التهم عبر نشطاء، وتقدح بالإمارات صباح مساء فيما كل رجالها بالداخل يغطون في نوم عميق وصمت مطبق إلى طاقم دبلوماسي 70% منه جنوبيون جميعهم لم يتحدثوا بكلمة والسبب لأنهم لايريدون المغامرة مع رئيس فاشل يعرفونه جيدًا. 

 

رئيس مفترض أن له جيش يفوق تعداده أربعمائة ألف مقاتل.. رئيس كان عذره القبيح، وهو يسلم صنعاء للحوثيين، أن الجيش مع الرئيس الراحل صالح، ومبرره الآن في عدن بعد أن أصبح له جيشه الخاص وحرس رئاسي "الإمارات" ودعمها للمجلس الإنتقالي. 

 

رئيس يريد بالنهاية تحميل التحالف مسؤولية فشله وغباءه، ولا يريد حتى تحميل نفسه عناء متابعة ما يحدث في عاصمته المؤقتة.. رئيس لا يمل من تكرار الأعذار وكيل الاتهامات وإحلال الفراغ محل قيام الدولة والقانون.

 

هو مستعد فقط لإعلان مدينة جديدة عاصمة مؤقتة ليستمر بفشله، وهكذا دواليك مادام هناك من يدفع من أجل استمراره كرئيس لبلد لم يعد حاضرًا في شمالها وجنوبها وشرقها وغربها.

 

لقد دفعت المملكة ثمنًا باهضًا من سمعتها ومكانتها بسبب هذا الرئيس المريض.. 

ودفعت اليمن أثمانًا باهضة وأصبحت بلا مستقبل مأمول للحياة الطبيعية.. 

وأعتقد أن اللعبة انتهت أو يفترض لها ذلك.

جميع الحقوق محفوظة لـ [عدن لنج] ©2024
تطوير واستضافة
YOU for information technology